روايات عربية

رواية الثعلب الذي يظهر ويختفي – محمد زفزاف

“عندما استيقظت لم تكن لدي أية رغبة في الأكل إطلاقاً. كان الوقت وقت الغروب وأنا لا أحبه. إنه يذكرني بنهاية الكون. كل شيء يرقد لتستأنف المهزلة. المهزلة الكبرى العظيمة. السيرك الكبير حيث تجتمع الطبائع التي تكرر نفسها عبر التاريخ، الحب، الحقد، العدل، الظلم، النفاق، السرقة، المعاملة الحسنة المغلفة بنوايا خلفية قد تكون صادقة أولاً. والآن هو المساء مرة أخرى. كل شيء حدث اليوم لكني كنت غائباً عنه. وفي الوائع، حتى لو كانت مستيقظاً فإني في أغلب الأحيان أكون غائباً. كم من الأشياء تحصل لكنها تتكرر في هذا الزمن أو ذاك.
هذا هو المساء وهذه نهاية أشياء بالنسبة لهم، وبداية أشياء بالنسبة لي. ولكن بدونهم، لن تكون هذه الأشياء هي أشيائي. فهم الذين يشعرونني بأنهم لي. إنها لعبة جميلة وقديمة. جزء من المهزلة الكبرى، جزء من المهلة، جزء من السيرك. وكان علي أن أقمص دوراً في هذا السيرك. أنا لا أعرف الدب ولا أعرف الأسد ولا أعرف النمر. أعرف جيداً الحمار والبغل.

ولكن بما أن الناس يحتقرونهما. فإني فضلت أن أكون ثعلباً هذا المساء، خصوصاً وأن القطيع قد أنهك طيلة اليوم كله. وما أكثر ما قرأت عن أحابيل الثعلب في الكتب المدرسية وما أكثر ما سمعت عنه وأنا صغير. كان القطيع يسير جماعات جماعات في الأزقة الضيقة، وبعض النعاج المصابة بجرب كانت تجر أقدامها وحيدة قرب الجدران، وهي تمضغ همومها اليومية، وتفكر في همومها القادمة، وكيف ستجد حلاً لمشاكلها، ومن يدري فقد يداهمها الموت ليضع حداً لكل شيء.

تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب

للتحميل اضغط هنا

لمناقشة الكتاب فى جروب قهوة 8 غرب اضغط هنا

كتب من نفس القسم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى