الصادق النيهومفكر وثقافة وإيديولوجيا

كتاب الكلمة والصورة – الصادق النيهوم

لحظة يا أَصدقائي..
فأَنا ملزم هنا بأن أَظهر مدى عجز كلماتنا وحدها عن أَن تقول شيئاً نافعاً وإنها ملقاة على الورق، بلهاء، سوداء الأنوف مقززة مثل القملات، لا تستطيع أَن تقول شيئاً واحداً حتى تتدخل الموهبة لإنقاذها، وأَنا أَعرف أَن هذا كلام كبير، ولكن انظروا هذا المثال:
الصوفي يحمل متاعبه إلى جزيرة صغيرة في المحيط اسمها مكادي، وتصادفه زنجية من بنات الجزيرة..
فتاة مخلوقة بطريقة متقنة تحمل في جسدها الأبنوسي ملايين هائلة من الظلال التي لا يمكن تحديدها قط، بينما يثير عقدها المصنوع من ودعات البحر ملايين أَخرى من الظلال الأكثر تعقيداً، وإذ يبدأَ الشاعر في البحث عن كلمات مجدية ليشرح مشاعره يكتشف في لحظة واحدة أَن ذلك مستحيل فليس ثمة كلمات تستطيع أَن تنقل إلى الخارج تلك اللفائف من المشاعر المعقدة.. وفجأة يجد الشاعر طريقه فيهتف مخاطباً مكادي:
(أَنا جئت:
أَفتش عن شهرزاد برونزية
طوقتها كنوز البحار)
ولا شك أَن ذلك قد أَعطى الصورة جميع أَبعادها، ولكن هل قامت الكلمات بذلك وحدها، أَم أَن شيئاً آخر غامضاً قد تقدم بحل جديد؟
أَنا أَقول: أَبعدوا شهرزاد وضعوا مكانها أَي اسم لا يملك الظلال التاريخية الغنية التي خلفتها أَلف ليلة وليلة، ثم دعونا نرى ما الذي استطاعت الكلمات وحدها أن تفعله حيال التعقيد الفني للصور ذاتها؟؟

22

تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب

للتحميل اضغط هنا

لمناقشة الكتاب فى جروب قهوة 8 غرب اضغط هنا

 

كتب من نفس القسم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى