روايات عربية

رواية الدمى والشيطان – محمود محمد حسن

في ليلة لامعة النجوم؛ بدا بيت أبو شنيبة مشابهاً للنجوم بلمعانه في أرض خيم عليها الظلام.. كانت الإضاءة تنبعث من كل جانب، فهناك غير إضاءات النوافذ أنوار منبعثة من فوانيس كهربية ضخمة؛ منتشرة على السور، وأخرى في أطراف الحديقة ينفذ نورها عبر ثغرات اللبلاب؛ الذي يكسو الشبابيك التي تقوست على امتداد السور، وكان السكونيغطي المحيط؛ كملاءة ممتدة مثقبة ببعض أصوات البوم والصراصير..
وبين فينة وأخرى نباح كلب يتضائل حتى ينتهي بالصمت. لم يكن أحد ليحس بالصوت حتى يقترب من السور بمسافة ما يمتد من نور المصابيح المثنية على الجدار، وإذا اقترب أحد تلك اللحظة فسوف يكون أعلى الأصوات في أذنه صوت عبدالواسع، يتموج في الظلام إلى أن يصل المسامع، كان أبو شنيبة واثنان من إخوته يجلسون كنسور فترت من التحليق، وقد استرخى أبو شنيبة على أريكة وثيرة ممداً ساقيه الضخمتين، وداعساً بكاحليه على مركوبه الفخم، وقد كسر إحدى عينيه وهو يبتسم؛ ثم يتململ ويحك عنقه وأحياناً يتثاءب، بينما كان عدد من الكهول أكثرهم من ذوي الشوارب الكبيرة والملامح الصارمة يتوزعون بين الأرائك الوثيرة والكراسي العادية، والتي لم تخل من لمسة إناقة؛ بينما انتصب عبدالواسع بثيابه الرثة يزبد ويتوعد ويحلف بالطلاق، والأخوان ينظران إلى ساقيه العاريتين؛ كما يعاينان كومة من تبن تعفن، وقد انتفخت مناخرهما..
كان عبدالواسع تلك اللحظة يقوم بواجبه بشجاعة نادرة أشبه بحالة من الجنون، ففي هذه المرة لا يتحدث باسمه؛ وإنما باسم الوفد الذي جاء معه وفوضه للحديث، ولم يبال عبدالواسع بحركة الخدام من حوله؛ لإعداد الطعام الفاخر الذي اعتاده ضيفا أبو شنيبة، بينما بدا واضحاً أن بعض رفاقه قد سنحوا فترات لرائحة أكباد العجل المشوية، والتي اشتهرت بها مائدة أبو شنيبة..

22

تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب

للتحميل اضغط هنا

لمناقشة الكتاب فى جروب قهوة 8 غرب اضغط هنا

 

كتب من نفس القسم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى