كتب علمية

كتاب فكك شفرةِ الظلام البحث عن الأسباب الوراثية لداء ألزهايمر – رادولف إي. وآن ب. بارسون

لا يمكن مقارنة الرعب الذي يجلبه داء ألزهايمر (الضعف الذهني) إلا بالرعب الذي يجلبه النادر من الكوابيس في هذه الحياة. إن أكثر المظاهر الغدارة حقاً لمرض الدماغ المميت هذا هو أنه لا يمحق دماغ الشخص فحسب، بل إنه يفعل ذلك قبل أن ينهي حياته بسنين. ذلك أن أعراضه المستهلة بالنسيان ثم تبدلات الشخصية تقترب كثيراً من الحالات الطبيعية بحيث أنها كثيراً ما تمر دون أن تلاحظ، فإنها تبقى لفترة طويلة دونما تفسير. فعندما يبدأ المريض بإدراك ما يحصل، فإن ذلك لا يجلب إلا إرباكاً معذباً لكل من المريض والقريبين منه، ماذا يمكن أسوأ من أن تشاهد شخصاً عزيزاً يتهاوى فكرياً، إلى أن لا يستطيع في النهاية أن يتعرف على الوجوه أو المحيط أو حتى نفسه؟!! إن الحد الأكثر صرامة من المعاناة الجسدية في داء ألزهايمر هو الألم العاطفي الذي يحس به المريض والمشاهدين العاجزين عن فعل أي شيء تجاهه.

وعلى الرغم من أعباء المرض صارت واضحة، فحتى الثمانينات كان داء ألزهايمر يعتبر مرضاً غير جدير بالاهتمام، مرضاً لا يستجذب الكثير من المختصين في مجال الأبحاث. بدأ أولئك الذين يدرسون المرض يصلون إلى الاعتقاد بأن الشكل المبكر وراثي، وبالتالي فهو نتيجة لخطأ في الجينات، أما الحالات ذات البدء المتأخر، فقد كان يعتقد من ناحية أخرى أنها تتسبب من مؤثرات بيئية، وليس من طفرات في الجينات. إلا أن ما تم اكتشافه هو أن هنا في الجينات “جينة طفرة” هي المسؤولة عن الشكل النادر ذي البدء المبكر لداء ألزهايمر، وهي خطوة أولى قد تؤدي إلى علاج كل من الشكلين الباكر والمتأخر من المرض.
من هنا فإن المحور الأساسي الذي حوله يدور هذا الكتاب “فك شفرة الظلام” هو حول نظرية لاقت دعماً واسعاً وهي التي تقول بأن هنا جينة طفرة مسؤولة عن الشكل النادر المبكر لداء ألزهايمر. يتناول الكتاب تلك النظرية كاشفاً عن تطورها خطوة خطوة، وهي من الأهمية بمكان إذ أنها تقدم تفسيراً يسهل تصديقه ليس فقط إلى الحد الذي جعل المئات من الباحثين في هذا المجال يبيعونها أنفسهم، بل ذهب الأمر إلى أبعد من ذلك حيث جميع شركات الأدوية تقريباً، وعدداً لا يحصى من شركات التكنولوجيا الحيوية هي الآن بصدد تصميم جيل جديد من الأدوية بالاعتماد على مبدأ النظرية الأساسي.
مع بداية سنة 2000 فإن أول هذه العلاجات، بعد أن بدت نتائجها مشجعة على الفئران، قد بدأ بالتحدي الأقصى، وذلك بالاختبار الفعلي على البشر. ويقول رادولف إي تانزي (المدير لوحدة الوراثة والهرم في مشفى ماساتوستس والمباحث في علم الجينات (علم الوراثة)، والذي شارك في أبحاث حول تحديد العيب الجيني الذي يكمن وراء داء هنتغتون والذي ساقه إلى أبحاث مشابهة لاكتشاف السبب الوراثي الكامن وراء مرض ألزهايمر) يقول تانزي بأنه وبعد ظهور هذه النتائج المشجعة على الفئران، فقد أصابه الانبهار بهذه النتائج على الرغم من كونه قد ساهم باكراً في بناء أساس النظرية التي تكشف عن أسباب مرض ألزهايمر.
ويضيف قائلاً بأنه وحتى في قريب، كانت فكرة احتواء الضعف الذهني عقيمة، مثل محاولة كبح تيار نبع من التفجر، وفي كون الباحثين الآن في نقطة اختبار أدوية مشتقة من هذه النظرية العجيبة، فإن هذا الأمر يبدو وكأنه معجزة. ويتحدث تانزي عن نظرية الجينة الطفرة التي نالت الكثير من الاهتمام، والتي ترسخت في علم الجزئيات الوراثي، وهي تتعلق باللويحات النشوانية التي هي توضعات من البروتين التي تغمر النسيج الدماغي لمريض ألزهايمر بشكل غير طبيعي.
إن المقدمة المنطقية للنظرية النشوانية هي أن هذه التوضعات، أو الليفات التي تشكل وحدة جزئية منها، ملومة مباشرة بالضياع الوحشي للعصبونات. تمثل هذه النظرية وجهة نظر مهيمنة، إلا أنها لا تزال مجرد نظرية، إلا أنها تبقى أكثر تفاسير ألزهايمر قبولاً، فقد برز الكثير من النظريات الأخرى وما نتج عنها من تصميم لأدوية لا تزال قيد الأبحاث والتطوير.
مع أن كتاب “فك شفرة الظلام” هذا يبحث ويفحص هذه العلاجات الكامنة بعمق أقل، فإن يحاول أن يظهر أن هذا المجال الفني من المنظورات هو في الواقع الجائزة الحقيقية. من هنا يمكن القول بأنه وعلى الرغم من إحاطة هذا المرض بالغموض، وعلى الرغم من استبعاد علاج له، إلا أن ما في هذا الكتاب يشير إلى بوارق أمل حول الوقوف على أسبابه والأهم من ذلك اكتشاف طريقة لعلاجه من خلال أدوية فعالة يتحدث عنها هذا الكتاب.

22

تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب

للتحميل اضغط هنا

لمناقشة الكتاب فى جروب قهوة 8 غرب اضغط هنا

 

كتب من نفس القسم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى