روايات عربية

رواية سلطانات الرمل – لينا هويان الحسن

لايزال قصر ابن وردان يقرأ كلمات السراب حوله ويتحداني: كيف أجعل البادية، التي هي أخت الصحراء، مقروءةً، مطبوعةً في سطور منتظمة وأوراق ناعمة؟!.. أجول مثل بدوي يلوب في فراغ الكثبان، يؤنسه حفيف ذاكرة ووقع حوافر المغيرات. بفضل الغوايات تركض الخيول هناك، وتكون المغيرات صبحاً وظهراً وعصراً، مغيرات في كل وقت، عبر طيات الزمن على سرير الصحراء المبسوط على ناصية تاريخ عتيق ترسم حدوده آفاق تصقل عريها المستقيم، الصافي، المستفيض، ودائماً لها معنى الصمت. أغافل النسيان في رواحه ومجيئه وأندسُّ بين بضع خرافات، تكفي مع الزمن لأن تكسو جسدها بحراشف الأسطورة. «تطلعتُ صوب الصحراء، فوجدتها منبسطة تمتد نحو ألف وخمسمئة ميل حتى البساتين التي تحيط بدمشق.

وهبَّت نسمة صحراوية حولي فتراءى لي ذلك القصر المهجور في سورية الذي زاره «لورنس». وكان العرب يعتقدون أن أميراً بناه ليكون القصر الصحراوي لمملكته، زعموا أن طينه معجون بعصير الزهر. وتذكرت كيف قاد الدليل «لورنس» من غرفة إلى غرفة ليشمّ الروائح الفواحة كالكلاب. كان يقول: هذه رائحة الياسمين، وهذه رائحة البنفسج، وهذه رائحة الورد. أخيراً دعاه أحدهم وقال: شمَّ أطيب رائحة، ثم قاده إلى نافذة متهدمة تهب عليها رياح الصحراء وقال: هذه هي الأفضل، إنها دون نكهة».

22

تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب

للتحميل اضغط هنا

لمناقشة الكتاب فى جروب قهوة 8 غرب اضغط هنا

كتب من نفس القسم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى