روايات عربية

رواية الحياة جميلة يا صاحبي – ناظم حكمت

كنت تلك الليلة أتجوَل بمفردي في أزقة أنقرة الضيقة المتعرجة، حين بدا لي أنني أسمع ضجيج مطارق ومناحت ومناسج هؤلاء النساجين والنجارين والحدادين والنحاسين الذين يذكرون بالبلاشفة، كأني أسمع ترتيلهم التي ينشدونها في اجتماعاتهم. أعرف أنَ البلاشفة أصدفاء الفقراء وأعداء الأثرياء. كانت صحف اسطمبول ملأى بأقاصيص شتى عن أنواع من التعذيب لا يتخيلها العقل، يسلطونها على الجنرلات والتجار الروس، جميع من أفلتوا من السيف البلشفي لجأوا إلى اسطمبول ولم يكن باد عليهم أنهم عذبوا مثلما يقال كانت النساء –أقل شيئ- من الدوقات، أما الرجال فكانوا أمراء فتحوا بارات وبيوت قمار، باعوا نساءهم الشقروات والبيضاوات والسمينات ونظموا ألعاب يانصيب. أعرف أن الحلفاء هم أعداء البلاشفة أعرف كذلك اسم لينين الذي رأيت صورته في الصحف بل وقد رسمت صورته بقلم الفحم لا عن حب، لا؟ وإنما لِما أدهشني في وجهه من سعة جبين وذكاء متَقد في تينك العينين المشدودتين إلى الصدغين وحتى لحيته الصغيرة. ذات مساء رحت مع الشاعر إلى المسرح، إنه مسرح كمال الذي أقاموه في ما كان حظيرة قديمة أو مستودعاً أمام الباب كان مصباح واحد يشتعل وينشر ضوءا مزرقاً وكئيباً، دخلنا؛ كان المتفرجون جالسين على مقاعد خشبية مصففة صامتين وأيديهم على ركبهم إنَ المسارح الشعبية في اسطمبول- سواء في الشهزاد باشي أو في القشديلي- هي مسارح مرتجلة شبيهة بملهاة الشارع الإيطالة (كوميديا دِلارتي) – قلت إنَ هذه المسارح هي أسواق احتفالية حقيقية، سرعان ما يتعرف المتفرجون فيها إلى بعضهم، فيصيرون يمزحون كأصدقاء ويرفعون الكلفة فيما بينهم والباعة يعرضون بضاعتهم من فستق وعصير ليمون وكازوز وبوظة بالفانيلا وكرز حامض…’

22

تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب

للتحميل اضغط هنا

لمناقشة الكتاب فى جروب قهوة 8 غرب اضغط هنا

 

كتب من نفس القسم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى